النزاهة والشفافية في ظل المحسوبية

النزاهة والشفافية في ظل المحسوبية

  • النزاهة والشفافية في ظل المحسوبية

اخرى قبل 4 سنة

 

 

 

النزاهة والشفافية في ظل المحسوبية

بقلم. د. رولا خالد غانم

إن ظاهرة تفشي الفساد في المؤسسات والمرافق المجتمعية في الدول العربية، وفلسطين أمر مقلق ومرض خطير بات يتهدد البنيان المجتمعي، ويتطلب لمحاربته تضافر الجهود ووضع حد لمخاطره، إن انتشار الفساد يؤدي إلى غياب العدالة  وانعدام أسس تحقيق العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع و يؤثر سلبا على نهوض المجتمعات، ويجعلها تتراجع  إلى أن تصل الحضيض، الفساد بات ظاهره مؤرقة،  وقد طال  مفاصل السياسة والاقتصاد والإدارة وحتى الأخلاق.

إن حواضن الفساد ظاهره مزعجة، لأنها تقف في وجه تحقيق العدالة، وتؤدي إلى تكالب وتكاتف أصحاب المصالح، ونتيجتها خلق الفوضى وفقدان الثقة وعدم الشعور بالأمان من قبل من يقع عليهم الظلم من الكفاءات الذين لم يتم إنصافهم، بسبب تغليب مصالح فئوية وأجندات خاصة باتت أبعد ما تكون عن الصالح العام، ويعود ذلك إلى انعدام أسس النزاهة وغياب المعايير التي تحقق العدالة والمساواة بين الجميع وفق معيار الكفاءة  وضمن الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة، وتغليب  القرابة والواسطة إلخ... على حساب الصالح العام

ويمكن تعريف الفساد على أنّه أعمال غير نزيهة يقوم بها الأشخاص الذين يشغلون مناصب في السلطة والمؤسسات العامه والخاصة، مثل المديرين، والمسؤولين الحكوميين وغيرهم، وذلك لتحقيق مكاسب خاصة، ومن الأمثلة على ظواهر الفساد إعطاء وقبول الرشاوى، والهدايا غير الملائمة، والمعاملات السياسية غير القانونية، والغش أو الخداع، والتلاعب في نتائج الانتخابات، وتحويل الأموال، والاحتيال، وغسيل الأموال وغيرها الكثير مما يندرج تحت تعريف الفساد.

انتشار ظاهرة الفساد وعدم تطبيق مبدأ الشفافية أحد عوامل تدمير التنمية المستدامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهذا يدفع بالكفاءات للهجرة، بحثا عن عمل وحياة آمنة كريمة ومنصفة  ويقينا أن فلسطين وبحسب الإحصاءات والدراسات، فقد خسرت الكثير من أصحاب المواهب والأطباء والمهندسين والعلماء البارعين، ممن وجدوا بيئة ومناخا مناسبا للتميز والإبداع والتقدير والفرص الذهبية خاصة في أوروبا، فحسنوا من مستوى دخلهم وساهموا في خلق نهضة شاملة في غير مجتمعاتهم.

وقد لفتت انتباهي إعلانات تطرحها الدول الأوروبية، من أجل استيعاب الشباب سواء للدراسة أو العمل، مع عروض مغرية كتأمين سكن ومعاش عال وحياة رغيدة، وهذا ليس من فراغ، بل من أجل استقطاب وسحب الأدمغة المفكرة والأيدي المنتجة، من فلسطين لأوروبا واستغلالها لصالح تلك البلاد، وبالتالي الارتقاء بمجتمعاتهم، ومن أجل تفريغ فلسطين من ذوي العقول المفكرة، والإبقاء على الفارغين، ليتصدروا المشهد، وبالتالي ضياع الوطن في ظل غياب من هم عماد المجتمعات، وسبب رفعتها. السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا علينا أن نفعل للحد من هذه الظاهرة أو الآفة الخطيرة التي تنهش في مجتمعنا؟!

باعتقادي مع أن الحلول لن تطبق بهذه السهولة، والتغيير في المجتمعات عادة ما يحتاج إلى وقت طويل:

_ لتفادي هذه الظاهرة يجب الاشتغال على العقول، من خلال البرامج المدرسية، بمعنى زرع القيم والمبادئ والأخلاق في عقول الصغار، لأنهم رجال المستقبل، لأن الخلل الأساسي يكون من خلال التربية.

_ العمل على القضاء على الواسطة والمحسوبية من خلال الضغط على المسؤولين، وعقد ندوات وكتابة مقالات، وتوظيف جميع مواقع السوشال ميديا لهذا الغرض.

_ عدم الاستسلام والسكوت عن الظلم، واللجوء للجمعيات التي تعنى بالحقوق والرقابة. مع ضرورة ملاحقة الفاسدين ومساءلتهم من خلال محكمة الفساد وإنزال أقصى العقوبات بحقهم لوضع حد لحالة انتشار الفساد

_ الاشتغال على المؤسسات وخاصة الجامعات التي تتعمد تجاهل أصحاب الكفاءات والخبرات، لأن هذا يؤدي إلى تدني مستوى التعليم، ويترك انعكاسا سلبيا على طلابنا، وهم عماد المستقبل، على هذا يجب الاهتمام بهم من خلال هذه الحاضنات، وعلى الجهات المسئولة إعادة تقييم عمل المؤسسات، وتطبيق نظام الحوكمة، لأن هذه الظاهرة التي نخرت عظام المجتمع لها عواقب وخيمة تقضي على وطن بأكمله.

 

 

التعليقات على خبر: النزاهة والشفافية في ظل المحسوبية

حمل التطبيق الأن